هذا السؤال يذكر المرء بما حدث في إحدى ضواحي مدينة لافلوريد الفقيرة في شيلي، حيث قسم أهالي المنطقة أنفسهم إلى دوريات لكي يسهروا طوال الليل من أجل منع شركة جوال إسبانية من تركيب أبراج محطات تقوية البث فوق أسطح العمارات لما أصابهم من أعراض وأمراض بسبب وجودها في الأماكن التي تم تركيبها فيها، وذلك على الرغم من تصريح الحكومة لهم بتركيبها. وتزعمت هذه الحركة من المقاومة جمعية أهلية تسمى نفسها "التحالف الوطني من أجل الدفاع عن البيئة" والتي أصبح شغلها الشاغل هو حماية أهل شيلي من أخطار وإشعاع محطات الجوال واستخداماته غير المرشدة، حيث توجد في شيلي ستة آلاف محطة لتقوية بث الهاتف الجوال، تخدم حوالي 9 ملايين شخص. وهاجم رئيس الجمعية الأهالي الذين يؤجرون الأراضي الخالية وسط المناطق السكنية مقابل ألف دولار في الشهر من دون النظر إلى المصلحة والصحة العامة، ولأن حكومة شيلي تجيز تركيب هذه الأبراج فقد تم رفع قضية من المهتمين بشؤون البيئة في شيلي وبعض الدول المجاورة ضد حكومات هذه الدول من خلال محكمة دول أميركا الجنوبية لحقوق الإنسان والبيئة، على أعتبار أن هذا يعد اعتداء على حق المواطن في العيش في بيئة صحية نظيفة تكفلها له حكومته، خصوصا أن قيمة المباني المجاورة لهذه المحطات قد انخفضت عند بيعها خوفا من أخطار الاشعاع المنبعث منها، وطالبت هذه الجمعيات الأفراد الموجودين بالقرب من هذه الأبراج بالتقدم للإفصاح عما أصابهم من أمراض وأورام نتيجة وجودهم بالقرب منها.
ومنذ عشر سنوات أقام بعض الأهالي في نيوزيلندا دعوى ضد شركة للهاتف الجوال أمام محكمة البيئة لكي تبعد محطات تقوية البث عن المناطق السكنية، واستشهدت الشركة بخبير من منظمة الصحة العالمية الذي قال إن المؤشر الدولي لنسبة الإمتصاص النوعي للموجات الكهرومغناطيسية والتي يطلق عليها SAR تساوي 0.8 واط لكل كيلوغرام، بينما استعان الأهالي بدراسات وتقارير تثبت إمكانية حدوث أضرار عند هذه الدرجة، فكان قرار المحكمة بأن يكون المسموح به فقط هو 1% من الجرعة المسموح بها دولياً.
وفي نيوزيلندا أيضاً يوجد قانون يمنع وضع هذه الأبراج ومحطات تقوية بث الجوال بالقرب من المدارس لما يمكن أن تسببه من احتمال إصابة الأطفال والمراهقين من ضعف القدرة على التعلم، وعدم التركيز والدوار، والإصابة بالأورام مثل اللوكيميا وغيرها على المدى البعيد والحقيقة إن محطات تقوية البث وما تحمله من هوائيات تصدر إشعاعاً كهرومغناطيسياً غير الذي يصدر عن أبراج الضغط العالي للكهرباء، وأبراج محطات استقبال موجات الراديو والتلفزيون، وذلك على الرغم من عدم وجود دليل علمي قاطع حتى الآن على أن وجود مثل هذه المحطات هو السبب المباشر في حدوث أورام سرطانية وأعراض مرضية مختلفة. وهناك دلائل إحصائية تشير إلى أن التأثير طويل المدى لهذه الموجات قد يتسبب في حدوث أخطار أو كوارث صحية في المستقبل، وليس معنى وجود ضوابط من الصحة العالمية والحكومات أنهم على حق، ولكن الموضوع أن معظم هذه الأمراض تحتاج إلى وقت لإثبات العلاقة السببية المباشرة بينها وبين وجود مثل هذه الموجات الضارة، حيث أن السرطان مثلاً متعدد الأسباب.
ويذكرنا هذا بما حدث مع التبغ وشركات الدخان، فقد كان أول تقرير يصدر عن أضرار التدخين على الصحة في مجلة "لانسيت" الطبيبة عام 1856، وفي عام 1997، أي بعد 141 عاماً، وافقت شركات الدخان في الولايات المتحدة على دفع تعويضات بمليارات الدولار للذين أصيبوا أو توفوا بسبب مضاعفات التدخين. وفي عام 2005 تبين أن التدخين سبب مباشر في وفاة واحد من بين كل عشر وفيات على مستوى العالم. وقد نشر تقريران في مجلة "لانسيت" الطبية المعروفة بواسطة د. جيرالد هايلاند وهو فيزيائي بيولوجي بريطاني يقول فيه إن هناك نوعين من التاثيرات تحدثها الموجات الكهرومغناطيسية:
1- تاثير حراري مباشر، ويؤثر على درجة حرارة الجسم خاصة الأعضاء التي تصلها كميات قليلة من الدم مثل العين وخاصة عدسة العين ويسبب حدوث الكاتراكت أو المياه البيضاء، وأيضا يؤثر على الخصية وينتج عنه انخفاض في عدد وحيوية الحيوانات المنوية وبالتالي انخفاض الخصوبة، وتزداد هذه الآثار الحرارية كلما زادت مدة التعرض لهذه الموجات.
2- تأثير غير حراري، ويحدث من خلال وجود ذبذبات مختلفة من النشاط الكهربي مما يؤثر على بيولوجية الخلية والتمثيل الحيوي بداخلها وانتقال أيونات الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم عبر جدارها، وأن الترددات التي تسببها هذه الموجات تؤثر على موجات دلتا وألفا في المخ، مما يؤثر على كهرباء المخ وعلى النوم. ولعل ذلك يفسر سبب منع استخدام الجوال على الطائرات وفي غرف الرعاية المركزة بالمستشفيات خوفاً من تأثير هذه الموجات غير الحراري. وهذا التأثير متغير من شخص إلى آخر، وأكبر دليل على هذا التأثير هو ما يحدثه التعرض للضوء المتكرر الضعيف ( 15 هرتز) عند إجراء رسم للمخ من إظهار لحالة الصرع عند الأشخاص المصابين به نتيجة تعرضهم للضوء عن طريق المعلومات التي انتقلت إلى المخ من خلال انتظام فتح وغلق الضوء على تردد تعرفه خلايا المخ وتتواءم معه لأن خلايا المخ تستخدم نفس هذا التردد من التيار الكهربائي، وأيضا التأثير على منظمات القلب. ومن خلال هذا التأثير على الوظائف الحيوية في الخلايا يحدث التالي في الحيوانات: نوبات من الصرع في الفئران، نقص في كفاءة جهاز المناعة، زيادة نسبة الوفيات في أجنة الدجاج، وفي الفئران انخفاض كفاءة الحاجز الدموي للمخ الذي يعد بمثابة المصفاة التي تحمي خلايا المخ من الميكروبات والسموم والأدوية الضارة، حدوث أورام في الغدد الليمفاوية في الفئران، حدوث تشوهات في الحامض النووي لخلايا مخ الفئران.
ولعل الدراسة على الخلايا الحيوانية تكون لها دلالة مهمة في هذه الحالة لعدم وجود العامل النفسي الذي يمكن أن يؤثر على الأعراض الجسمية، ومن خلال دراسات مختلفة تبين أن الإشعاع المنبعث من محطات تقوية المحمول يؤثر على الماشية، ويقلل من إفراز لبنها، ويزيد من حالات الإجهاض فيها، وولادة أجنة ميته أو مشوهة، مع نقص في وزنها وضعف عام ينتابها، وعندما نقلت هذه الماشية إلى مكان بعيد عن هذه الموجات تحسنت صحتها وتحسنت كل هذه الأعراض التي عادت إلى الظهور مرة أخرى عندما تم إعادتها لمكانها بجوار محطات تقوية بث الجوال . أما في الإنسان فهناك تأثيرات على كهرباء المخ وربما حدوث نوبات من الصداع العنيف، أو التشنجات مع تغير في رسم المخ، نتيجة تأثير هذه الموجات على مركز الرضا في المخ الذي يفرز الدوبامين والأفيونات الطبيعية بالجسم من أجل الحفاظ على المزاج السليم، بالإضافة إلى اضطراب النوم - خاصة المرحلة العميقة من النوم التي تحدث خلالها حركة العين السريعة والأحلام (REM) نتيجة اضطراب في إفراز هرمون الميلاتونين- واختلال الحاجز الدموي للمخ، كما يمكن أن يحدث أيضا تأثير على الذاكرة وعلى أداء بعض المراكز التحضيرية لها في المخ. ويحدث أيضا تأثير وارتفاع في مستوى ضغط الدم عندما يكون الإنسان مستريحاً ويكون تأثير ذلك أشد على الأطفال والمراهقين.
وهناك دراسة نشرت في 13 أبريل (نيسان) 2006 تشير إلى أن كثرة التعرض للموجات الكهرومغناطيسية بسبب وضع الهاتف الجوال على الخد يسبب إخراج معدن الزئبق من حشو الأسنان، حيث أن هذا الحشو يتكون من 50 % زئبق و50% فضة وقصدير ونحاس، مما يمكن أن يسبب الكثير من الأعراض نتيجة دخول هذا الزئبق إلى الدم. وفي نفس الوقت يعمل الزئبق كهوائي يمتص كمية أكبر من إشعاع الموجات الكهرومغناطيسية، وقد يتسبب انطلاق الزئبق من الحشو في التعجيل بالإصابة بمرض ألزهايمر، ويؤدي ترسبه في الجهاز العصبي إلى حدوث تلف في خلايا المخ يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات عدوانية خاصة عند الأطفال، وحدوث ما يسمى بالحساسية الكهرومغناطيسية Electromagnetic sensiticity. والسويد هي الدولة الوحيدة التي صنفت هذه الأعراض كمرض نتيجة للتعرض للموجات الكهرومغناطيسية. وهناك 35% من الأشخاص يعانون من هذه الحساسية عند التعرض لهذه الموجات المنبعثة من الجوال أو التلفزيون أوالكومبيوتر إلخ، 2% منهم تحدث لهم هذه الحساسية بصورة حادة. ومن المهم للعلماء في أقسام البحث العلمي المتخصصة في الجامعات العربية أن يجروا دراسات ميدانية على الطبيعة لكي نستطيع أن نحدد ما يناسبنا من جرعات التعرض لمثل هذه الموجات من خلال محطات التقوية، أو من الجوال نفسه إذا استخدم لمدة طويلة، خصوصا أن تأثيرها يختلف بين الأفراد وأيضا بين الشعوب
كشفت دراسة جديدة أعدّتها أكسنتشر (المدرجة في بورصة نيويورك تحت رمز ACN) ومايكروسوفت، أن الشركات في منطقة الشرق
كشفت دراسة استقصائية صادرة عن شركة "آي دي جي" لأبحاث السوق بالتعاون مع «إف 5»، أن نسبة 94 بالمئة من مزودي خدمات