موبايلك - يتسم قطاع التكنولوجيا الذي يشهد تغيّراً دائماً بابتكارات وتطوّرات مستمرّة؛ إلى ذلك، باتت الاتصالات والقوى الحسابية منتشرة بشكل واسع. وعليه، فقد بات نجاح قطاع التكنولوجيا يعتمد على بناء القدرات المناسبة لدعم أسلوب العمل الصحيح، وتقديم المنتجات والخدمات الملائمة للاستراتيجية. وخير مثال على ذلك قطاع الهاتف المحمول: ففي السنوات الأخيرة، لم تتمكن شركة Research in Motion (RIM) من تطوير القدرات التي كانت ضرورية للنجاح في السوق الجديدة. غير أن بقاءها اليوم غير أكيد. من ناحية أخرى، تمكّنت حفنة من الشركات الرائدة، مثل آبل وغوغل ومايكروسوف (Apple, Google and Microsoft)، من المحافظة على تفوّقها على منافسيها. في هذا الإطار، أجرت شركة الاستشارات الإدارية بوز أند كومباني تقييماً للدور المحوري الذي اضطلعت به القدرات في تطوّر قطاع التكنولوجيا وكيف أن التوافق بين القدرات الرئيسية في الشركة وأسلوب العمل ومجموعة المنتجات والخدمات حافزاً أساسياً للنجاح.
الابتكارات وتطوّر القطاع- الحقيقة
غالباً ما يوصف تطوّر قطاع التكنولوجيا على أنه مجموعة ابتكارات غير مترابطة هزّت العالم وحدثت دون مبرّر. غير أن هذه الرؤية بسيطة جداً: فقطاع التكنولوجيا مؤلّفٌ من شركات متمايزة- تضم آبل وفايسبوك وغوغل وآي بي أم وإنتل ومايكروسوف وأوراكل وResearch in Motion (RIM)- ويُحدَد تطوّر القطاع بالقرارات الاستراتيجية التي تتخذها هذه الشركات والنجاحات التي حققتها والأخطاء التي ارتكبتها.
في هذا الإطار، قال بيار بيلادو، شريك في بوز أند كومباني: " اعتمدت هذه الشركات وغيرها أسلوب عمل غيَّر قواعد اللعبة في السوق من خلال الخدمات القيّمة التي تعرضها، وقامت ببناء القدرات وتطوير مجموعات المنتجات الضرورية للنجاح في السوق. فلا يكفي الوصول إلى أكبر عدد من الابتكارات فحسب، بل يهمّ الوضوح في تقديم قيمة مضافة وإرساء نظام القدرات المناسبة والضرورية للابتكار على نحوٍ يُحقق هذه القيمة المضافة وبالتالي نجاح هذه الابتكارات في السوق".
أما بالنسبة للعديد من الشركات التي كانت مهمّشة أو التي اندثرت، لم يكن خطأوها خسارة المعارك التكنولوجية التي خاضتها. فبعض الشركات التزمت بأساليب عمل قديمة وركّزت على إجراءات إدارة العلامة التجارية المؤكدة أو على زيادة حجمها عوضاً عن إضافة قيمة تخوّلها المحافظة على العملاء. في حين حاولت بعض الشركات الأخرى أن تغيّر وتكيّف أساليب عملها، إلاّ أنها عجزت عن بناء القدرات التي تحتاجها لتحويل استراتيجياتها إلى نجاح حقيقي في السوق.
الرابط الخفيّ
فهم جميع بُناة شركات التكنولوجيا المهمّة خلال السنوات الثلاثين المنصرمة العامل الأهم: أي الرابط الخفيّ بين الابتكار التكنولوجي السريع وفهم معمّق للعملاء. في الواقع، غالباً ما تتغاضى الأقسام الفنية عن قيمة العملاء. ولكن، لولا البراعة التي طوّرها القطاع على مرّ العقود في تحقيق حاجات ورغبات العملاء، كنا لنتخيل عالماً اقتصرت فيه التطوّرات التقنية التي شهدناها على إنتاج أنظمة مفهومة لفئة قليلة فقط
لا ينبغي غضّ النظر عن معلومات العملاء. فليست أمراً يمكن شراؤه أو تركيبه بشكل مستقل. فالشركات التي حققت النجاح هي تلك التي طوّرت معلومات العملاء ضمن هوية العمل العامة الخاصة بها.
في هذا الإطار، يقول رومان فريدريخ: "في هذا اليوم والعصر، باتت المنافسة أشد شراسة. نتيجة لذلك، ينبغي على كلّ شركة في القطاع أن تدرس منافسيها وفي أيّ قطاع يعملون. وعليها أن تختار أسلوب عملها على هذا الأساس، وفقاً للقدرات الفريدة التي يمكن استخدامها لتمييز نفسها عن منافسيها. بالتالي، من الضروري بناء هذه القدرات في المنتجات والخدمات المتوافقة مع أسلوب عملها- من أجل تحقيق التوافق الذي سوف يحوّلها إلى رابح في السوق".
تطوّر قطاع الجوال
يوضح تحوّل قطاع الهاتف الجوال التفاعل بين التغيّر التكنولوجي والابتكار في نموذج العمل. وفي مطلع التسعينيات، انطلق تطوّر القطاع وسرعان ما دخلت عدّة شركات جديدة السوق.
ولكن في مطلع العام 2000، خرج عدد من أولى شركات تصنيع الهواتف الجوالة من السوق، مثل ألكاتيل وسيمنز وساجيم.
وأضاف بيلادو: "لم تملك هذه الشركات القدرات والمهارة الكافية في التسويق للعملاء والقدرة على الابتكار والفهم الضروري لكيفية استخدام المستهلكين لأجهزتهم- مقارنة بمعظم الشركات الباقية التي امتلكتها".
منذ ذلك الوقت، شهد القطاع الكثير من التطورات، إلى أن وصل جهاز البلاكبيري الحقيقي الأول. صدر هذا الجهاز عام 2003 وجمع بين الهاتف الفعال وخدمة البريد الإلكتروني. تمكنت شركة RIM من تطوير الهاتف المناسب- أي هاتف وخدمة بريد إلكتروني سهل الاستخدام يعمل بشكل آمن في أنظمة الشركات- وجمعته بنظام قدرات يحقّق التوافق الذي يؤدي إلى الأسبقية.
حدث أهم تطوّر بعد البلاكبيري عام 2007، عندما طرحت آبل جهاز الآيفون، الذي جمع الهاتف والبريد الإلكتروني مع خصائص البحث على الانترنت والمحتوى. لم يكن جهاز الآيفون الهاتف الأول ولكن أول قصة نجاح حقيقية- بفضل خصائص المنتج ونظام القدرات المتماسك جداً التي طوّرته آبل ووزعته وباعته وربطته بأجهزة أخرى وأضافت إليه مئات الآلاف من التطبيقات الجوالة.
في هذا المجال، قال فريدريخ: "ساهمت قدرة آبل على فهم حاجات عملائها والانتباه الكبير الذي تعيره للتصميم ولسهولة الاستخدام، وفهمها لأهمية خلق بيئة عمل متكاملة في تحويل الهاتف إلى أكثر جهاز إلكتروني نجاحاً حتى يومنا".
بعد هذا النجاح الهائل الذي حققه الآيفون، حذا الكثير من مصنّعي الهواتف حذو آبل. حتى اليوم، كانت سامسونغ الأكثر نجاحاً في اتباع هذه الاستراتيجية. غير أن RIM فشلت في التأقلم مع هذا التطوّر، لأنها انتظرت وقتاً طويلاً لبناء القدرات الفارقة الضرورية للمنافسة مع قادة السوق الجدد.
النجاح في المستقبل
مع استمرار تطوّر التكنولوجيا، ينبغي على اللاعبين في القطاع أن يستمروا بالبحث عن قدرات جديدة وأساليب عمل جديدة وتطويرها لكي يستحقوا الأسبقية في الأسواق المتغيّرة.
لا تستحقّ جميع القدرات الانتباه عينه، ولكن كلّ شركة في قطاع التكنولوجيا بحاجة إلى خمس قدرات على الأقل. وسوف تختلف كيفية دمجها والتركيز الذي تعيره الشركة لها وفقاً لأسلوب عمل كلّ شركة.
تشمل القدرات الخمسة الرئيسية:
1. فهم ما يريده المستهلكون: تكوين فهم دقيق عن كيفية تفاعل المستهلكين مع أجهزتهم الجوالة بالإضافة إلى فهم الاستخدامات الجديدة المتعددة التي تقدّمها أجهزة مترابطة ببعضها وبأجهزة الاستقبال.
2. قدرة على تحليل بيانات المستهلكين: تسجيل وتحليل جميع أنواع البيانات عن المستخدمين وعن كيفية استخدامهم للأجهزة والخدمات
3. مهارة في الابتكار: تطوير وسائل جديدة تمكّن المستخدمين من التواصل والتفاعل في العالم الرقمي عبر إطلاق أجهزة وخصائص وخدمات جديدة تغيّر تطوّر القطاع
4. إدارة بيئة العمل: تطوير بيئة عمل داخلية لإدارة تجربة العملاء المتكاملة ووسائل التفاعل والاستفادة من الشركاء والبيئة الخارجية
5. التصميم وتجربة العميل: تصميم وتقديم خبرة عملاء مثيرة وسهلة الاستخدام في مجموعة أجهزة واسعة- متوفرة حالياً ومستقبلية
الخصائص الصحيحة
يتوجب على الشركات التي تسعى للبقاء في المنافسة وتحقيق أداء أفضل في المستقبل اتخاذ سلسلة من الخطوات التي تحضرها لاكتساب الحقّ في النجاح. وتشمل:
• تحديد أسلوب عمل من شأنه النجاح في السوق ولا يتطلّب الابتعاد جذرياً عن القدرات الحالية
• فهم القدرات الكفيلة بدعم أسلوب العمل وتحفيز اكتساب قيمة فارقة في السوق
• تكييف الشركات لتعزيز القدرات الرئيسية التي تملكها وإزالة القدرات غير الأساسية
• تحديد عناصر سلسة القيم التي يجب السيطرة عليها لتحقيق قيمة فارقة مستدامة
• مواءمة مجموعة الخدمات والمنتجات مع أسلوب العمل المُختار والقدرات
في النهاية، شكّل قطاع التكنولوجيا حافزاً أساسياً لتحقيق قيمة مُضافة ونمو اقتصادي خلال العقود المنصرمة، ومن شأنه المحافظة على هذا الدور. وسوف تستمرّ الشركات بتطوير تقنيات جديدة ووسائل لجذب المستهلكين لاستخدام هذه التقنيات. وسوف يشكّل فهم رغبات هؤلاء المستهلكين وإيجاد أفضل وسائل تلبية هذه الرغبات، مفتاح النجاح. وسوف يعتمد الحقّ في النجاح على قدرة الشركة على ضمان التوافق بين قيمة الطرح (أي أسلوب العمل)، ومجموعة منتجاتها وخدماتها مع قدرات فارقة تعجز أيّ شركة أو أي مبتكر تكنولوجيا آخر عن مطابقتها.
أعلنت مجموعة "بلاك بيري" الكندية التي كانت تتصدر سوق الهواتف الذكية قبل سنوات، الأربعاء عزمها التوقف عن تصنيع
كشفت شركة بلاك بيري BlackBerry اليوم عن أحدث هواتفها الذكية والمسمى DTEK50، ويعتبر الهاتف ثاني أجهزة الشركة العاملة